منتدى رياض الناطقيـــــن
أهلآ وسهلآ بك زائرنا الكريم يسعدنا انظمامك الينا
في منتدى رياض الناطقين مرحبآ بك اذا كنت غير مسجل
يمكنك التسجيل و الذهاب لتصفح المنتدى
دمت في حفظ الله
منتدى رياض الناطقيـــــن
أهلآ وسهلآ بك زائرنا الكريم يسعدنا انظمامك الينا
في منتدى رياض الناطقين مرحبآ بك اذا كنت غير مسجل
يمكنك التسجيل و الذهاب لتصفح المنتدى
دمت في حفظ الله
منتدى رياض الناطقيـــــن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى رياض الناطقيـــــن


 
الرئيسيةالصفحة الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
  منتدى رياض الناطقين يرحب بـــكم:ما يلفظ من قول الا لدية رقيب عتيد
  تم بعون الله توفير خدمة مشاركاتك على .Email .RSS . Twitter. Facebook أسفل  صفحات المنتدىStumbleupon. Digg
  يمنع التسجيل بأسماء غير لائقة او بذيئة سيتم توقيف المسجل تلقائيآ
نرحب بجميـع أعضاء وزوار منتدى رياض الناطقين وندعو زوارنا الإعـزاء دعوة خاصة للإنضمام معنا والتسجيل في رياض الناطقين ( التسجيل مجانـي ) ؛؛ وتنتظركم روعة الأفكار والمواضيع الحصرية ونلفت عناية الجميع اننا مستعدين لإستقبال إقتراحاتكم وملاحظاتكم حول المنتدى وبالتاكيد سوف تساعدنا وجهة نظركم على تقديم الأفضل والأجمل من خلال ملاحظاتكم فلاتترددوا في إطلاعنا على كل ماترونه مناسب لتطوير منتداكم فالمنتدى ملك الجميع

 

 شرح خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد لعنه الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو زهراء الصدري
المؤسس
المؤسس
ابو زهراء الصدري


عدد المساهمات : 377

شرح خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد لعنه الله Empty
مُساهمةموضوع: شرح خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد لعنه الله   شرح خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد لعنه الله I_icon_minitimeالخميس مارس 24, 2011 3:51 pm

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم

السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراءوأبيها وبعلها وبنيهاوالسر المستودع فيها
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


شرح خطبة السيدة زينب عليه السلام في مجلس الطاغية يزيد بن معاوية لعنه الله


قبل أن نبدأ بشرح بعض كلمات هذه الخطبة نجلب الانتباه إلى هذا التمهيد البسيط:
تدبر قليلا لتتصور أجواء ذلك المجلس الرهيب، ثم معجزة السيدة زينب الكبرى عليها لسلام في موقفها الجريء!
بالله عليك! أما تتعجب من سيدة أسيرة تخاطب ذلك الطاغوت بذلك الخطاب؟
وتتحداه تحدياً لا تنقضي عجائبه؟
ولا تهاب الحرس المسلح الذي ينفذ الأوامر بكل سرعة وبدون أي تأمل أو تعقل؟!
وأعجب من ذلك سكوت يزيد أمام ذلك الموقف مع قدرته وإمكاناته؟
وكأنه عاجز لا يستطيع أن يقول شيئا أو يفعل شيئاً!
أليس من العجيب أن يزيد -وهو طاغوت زمانه،وفرعون عصره- لم يستطع أو لم
يتجرأ على أن يرد على السيدة زينب ع كلامها، بل يشعر بالعجز والضعف عن
مقاومة السيدة زينب ع، ويكتفي بقراءة قول الشاعر:
((يا صيحة تحمد من صوائح))!
فما معنى هذا البيت في هذا المقام؟!
وما المناسبة بين هذا البيت وبين كلمات خطبة السيدة زينب ع؟
فهل كانت حرفة السيدة زينب ع النياحة حتى ينطبق عليها قول يزيد: ((ما أهون النوح على النوائح))؟
وما يدرينا مدى ندم يزيد بن معاوية عليهما اللعنة من مضاعفات جرائمه التي ارتكبها؟ وخاصة تسيير آل رسول الله ص من العراق إلى الشام.
فإنه -بالقطع واليقين- ماكان يتصور أن سيدة أسيرة سوف تغمسه في بحار الخزي والعار، فلا يستطيع يزيد أن يغسل عن نفسه تلك الوصمات . .
إلى يوم القيامة.
وتكشف الغطاء عن هوية يزيد، وترفع الستار عن ماهيته وأصله، وحسبه ونسبه،
وسوابقه ولواحقه، وتخاطبه بكل تحقير، وتقرع كلماتها مسامع يزيد، وكأنها
مطرقة كهربائية، ترتج منها جميع أعصابه، فيعجز عن كل مقاومة!!

و الآن إليك شرحاً موجزاً لبعض كلمات هذه الخطبة الحماسية الملتهبة:
إفتتحت كلامها بحمد الله رب العالمين، ثم الصلاة على جدها: سيد المرسلين ص،
فهي -بهذه الجملة- عرفت نفسها للحاضرين أنها حفيدة رسول الله سيد المرسلين
صلى الله عليه وآله وسلم حتى يعرف الحاضرون أن هذه العائلة المسبية
الأسيرة هي من ذراري رسول الله ص، لا من بلاد الكفر والشرك. ثم قرأت السيدة
ع هذه الآية:

((صدق الله سبحانه، كذلك يقول: "ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا
السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا
يَسْتَهْزِئُونَ ")).
وما أروع الاستشهاد بها، وخاصة في مقدمة خطبتها!!
وعاقبة كل شيء: آخره، أي:ثم كان آخر أمر الذين أساؤا إلى نفوسهم -بالكفر
بالله وتكذيب رسله، وارتكاب معاصيه- السوئى، أي: الصفة التي تسوء صاحبها
إذا أدركته، وهي عذاب النار.
" أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ "أي:
بسبب تراكم الذنوب والمعاصي في ملف أعمالهم حصل منهم التكذيب بآيات الله
والحقائق الثابتة، وظهر منهم الاستهزاء بها وبالمقدسات الدينية.
وهي عليها السلام تشير بكلامها -هذا- إلى تلك الأبيات التي قالها يزيد:
لعبت هاشم بالملك فلا :::: خبر جاء ولا وحي نزل
ومعنى هذا البيت من الشعر: أن بني هاشم -والمقصود من بني هاشم:هو رسول الله
ص- لعب بالملك باسم النبوة والرسالة، والحال أنه لم ينزل عليه وحي من
السماء، ولا جاءه خبر من عند الله تعالى.
فتراه ينكر النبوة والقرآن والوحي!!
وهل الكفر والزندقة إلا هذا؟!
ثم إن بعض الناس بسبب أفكارهم المحدودة يتصورون -خطأً- أن الانتصار في
الحرب يعتبر دليلاً على أنهم على حق، وعلى قربهم من الله تعالى، فتستولي
عليهم نشوة الانتصار والظفر، ويشملهم الكبرياء والتجبر بسبب التغلب على
خصومهم.
ولكن السيدة زينب الكبرى ع فنّدت هذه الفكرة الزائفة، وخاطبت الطاغية يزيد
باسمه الصريح، ولم تخاطبه بكلمة: (أيها الخليفة) أو (يا أمير المؤمنين)
وأمثالها من كلمات الاحترام.
نعم خاطبته باسمه، وكأنها تصرح بعدم اعترافها بخلافة ذلك الرجس

((أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض وضيقت علينا آفاق السماء،
فأصبحنا لك في أسار، نساق إليك سوقاً في قطار، وأنت علينا ذو اقتدار، أن
بنا من الله هواناً، وعليك منه كرامة وامتنانا))؟!

تصف السيدة زينب ع حالها، وأحوال من معها من العائلة المكرمة، أنهم كانوا
في أشد الضيق، كالإنسان الذي أخذوا عليه، أي: منعوه وحاصروه من جميع
الجوانب والجهات، بحيث لا يستطيع الخروج والتخلص من الأزمة.
وبعد هذا التضييق والتشديد، والمنع والحبس ((أصبحنا نساق)) مثل الأسارى الذي يأتون بهم من بلاد الكفر عند فتحها.
((سوقاً في قطار))يقال-ولا مناقشة في الأمثال-: (قطار الإبل) أي:عدد من
الإبل على نسق واحد وفي طابور طويل، وقد كان جميع أفراد العائلة ومعهم
الإمام زين العابدين ع والسيدة زينب ع كانوا مربوطين ومكتفين بحبل واحد!
((وأنت علينا ذو اقتدار)) أي: نحن في حالة ضعف وأنت في حالة القدرة.
((أن بنا من الله هواناً، وعليك منه كرامة وامتنانا))؟!
أي : أظننت لما رأيتنا مغلوبين، ووجدت الغلبة والظفر لنفسك أن ليس لنا جاه
ومنزلة عند الله، لأننا مغلوبون؟!! و ظننت أن لك عند الله جاهاً و كرامة
لأنك غلبتنا و ظفرت بنا، وقتلت رجالنا، وسبيت نساءنا؟!!

((و)) ظننت: ((أن ذلك لعظم خطرك))
أي: لعلو منزلتك.
((و جلالة قدرك)) عند الله تعالى؟!

وعلى أساس هذا الظن الخاطئ الذي (لا يغني من الحق شيئا) و (إن بعض الظن إثم)، إستولت عليك نشوة الانتصار.
((شمخت بأنفك))يقال: شمخ بأنفه: أي رفع أنفه عزاً وتكبراً.
((ونظرت في عِطْفك)) العِطْف -بكسر العين-: جانب البدن، والإنسان المعجب
بنفسه ينظر إلى جسمه وإلى ملابسه بنوع من الأنانية وحب الذات والغرور.
((تضرب أصدريك فرحاً))الأصدران: عرقان تحت الصدغين، وضرب أصدريه: أي: حرك
رأسه بكيفية خاصة تدل على شدة الفرح والإعجاب بالنفس . . إزاء ما حققه من
انتصار موهوم.
((وتنفض مذرويك مرحاً))

يقال: جاء فلان ينفض مذرويه: إذا جاء باغياً يهدد الآخرين.

هذا ما ذكره اللغويون. ولكن الظاهر أن معنى ((ينفض مذرويه)) أي يهز
إليَتيه، وهو نوع من حركات الرقص عند المطربين حينما تأخذهم حالة الطرب
والخفة.
((حين رأيت الدنيا لك مستوسقة))

أي مجتمعة
((والأمور لديك متسقة))

أي منتظمة، بمعنى: أنك رأيت الأمور على ما تحب وترضى، وعلى مايرام بالنسبة إليك، فكل شيء يجري كما تريد.
((وحين صفى لك ملكنا، وخلص لك سلطاننا))

أي: ومن أسباب فرحك، وقيامك بالحركات الطائشة التي تدل على شدة سرورك، أنك
رأيت من نفسك ملكاً وسلطاناً قد نجح في خطته التي رسمها لإبادة منافسه،
وأسر نسائه.
لكن . . إعلم أيها المغرور: أن هذه القدرة والمكانة التي اغتصبتها -وهي
الخلافة- هي لنا أساساً، لأن يزيد كان يحكم باسم خلافة رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم.
ومن الواضح أن خلافة رسول الله ص لها موارد خاصة، وأن خلفاء رسول الله ص
أفراد معينون، منصوص عليهم بالخلافة، وهم: الإمام علي بن أبي طالب ع،
والأئمة الأحد عشر من ولده ع،ولكن الآن . . صارت تلك القدرة والسلطة بيد
يزيد!!
((فمهلاً مهلاً))

يقال للمسرع في مشيه، أو المتفرد برأيه: مهلاً. أو: على مهلك، أي أمهل، ولا
تسرع، أي:ليس الأمر كما تعتقد أو كما تظن، أو: ليس هذا الإسراع في العمل
صحيحاً منك فلا تعجل حتى نبين لك حقيقة الأمر.

((لا تطش جهلا))

طاش فلان:أخذه الغرور وفقد إتزانه، فصار غير ناضج في تصرفاته.
أي يا يزيد! لا تطش . . بسبب جهلك بالحقائق، وخلطك بين المفاهيم والقيم، والاغترار بالظواهر.
((أنسيت قول الله (عز وجل) :"وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا
نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ
لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ "))؟!!

نملي:أي نطيل لهم المدة والمجال، أو نطيل أعمارهم ونجعل الساحة مفتوحة
أمامهم "خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ "، بل:إنما نطيل أعمارهم ومدة سلطتهم
وحكومتهم . . لتكون عاقبة أمرهم هي إزدياد الإثم والمعاصي في ملف أعمالهم،
ولهم عذاب مهين، أي: يجزيهم -في جهنم- تعذيباً ممزوجاً مع الإهانة
والتحقير.
ثم خاطبته عليها السلام وذكرته بأصله السافل، ونسبه المخزي، فقالت:

((أمن العدل يابن الطلقاء))
وهذه الكلمة إشارة إلى ما حدث يوم فتح مكة، فإن رسول الله صلى الله عليه
وآله لما فتح مكة -وصارت تحت سلطته- كان بإمكانه أن يقتلهم لما صدرت منهم
من مواقف عدائية و حروب طاحنة و متتالية ضد النبي الكريم ص -بالذات- وضد
المسلمين بصورة عامة، لكنه رغم كل ذلك . . إلتفت إليهم وقال لهم:
((يا معشر قريش! ما ترون أني فاعل بكم؟))
قالوا: ((خيراً، أخ كريم، وابن أخ كريم))
فقال لهم: ((إذهبوا فأنتم الطلقاء))
وكان فيهم: معاوية و أبو سفيان.
و يزيد هو ابن معاوية، وحفيد أبي سفيان، ويطلق عليه (ابن الطلقاء) إذ قد يستعمل ضمير الجمع في مورد التثنية.
أما معنى كلمة ((يابن الطقاء)) فالطلقاء -جمع طليق-: وهو الأسير الذي أطلق عنه إساره، وخلّي سبيله.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتح مكة، فصارت البلدة ومن فيها تحت
سلطته وقدرته، وكان بإمكانه أن ينتقم منهم أشد انتقام، وخاصة من أبي سفيان
الذي كان يؤجج نار الفتن، ويثير الناس ضد رسول الله ص، ويقود الجيوش
والعساكر لمحاربة النبي ص والمسلمين، كما حدث ذلك يوم بدر وأحد، وحنين
والأحزاب، وهكذا ابنه معاوية (الذي كان على دين أبيه)، ولكن الرسول الكريم ص
أطلقهما وخلّى سبيلهما في من أطلقهم.
قال تعالى: "فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ
حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا
بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا"
"فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ" أي:إما أن تمنوا عليهم مناً بعد أن تأسروهم، أي:
تحسنوا إليهم فتطلقوهم بغير عوض، وإما أن تفدوهم فداء، أي: تطلبوا منهم دفع
شيء من المال إزاء إطلاقكم سراحهم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مخيراً بين ضرب أعناقهم وبين المن
والفداء، فاختار الرسول الكريم ص المن وأطلقهم بلا فداء ولا عوض.
والظاهر أن السيدة زينب عليها السلام تقصد من كلمة ((يابن الطلقاء)) واحداً من معنيين:
المعنى الأول:أن تذكر يزيد بأنه ابن الطليقين الذين أطلقهما رسول الله صلى
الله عليه وآله مع أهل مكة، وكأنهم عبيد، فتكون الجملة تذكيراً له بسوء
سوابقه المخزية وملف والده وجده!
والمعنى الثاني: أن تذكر يزيد بالإحسان الذي بذله رسول الله ص لأسلاف يزيد
حيث أطلقهم، فقالت: ((أمن العدل)) أي: هل هذا جزاء إحسان رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم مع أسلافك . . أن تتعامل مع حفيدات الرسول ص هذا
التعامل السيئ؟!
ولعل السيدة زينب عليها السلام قصدت المعنيين معاً.
ومن الواضح أنها لا تقصد -من كلامها هذا- السؤال و الاستفهام، بل تقصد
توبيخ يزيد على سلوكه القبيح، ونفسيته المنحطة، وتنكر عليه تعامله السيئ،
وتعلن له أنه بعيد كل البعد عن أوليات الفطرة البشرية،وهي جزاء الإحسان
بالإحسان!!

((تخديرك حرائرك وإماءك))
يقال:خدّر البنت:ألزمها الخدر، أي:أقامها وراء الستر.
الحرائر -جمع حرة-: نقيض الأمَة.

((وسوقك بنات رسول الله سبايا))
السَّوق: يقال:ساق الماشية يسوقها سوقاً:حثَّها على السير من خلف، وذلك يعني: الحث على السير من الوراء مع عدم الاحترام.
أقول:لا يرجى من يزيد العدل والعدالة، ولكنه لما ادعى الخلافة لنفسه، كان المفروض والمتوقع منه أن يكون عادلاً.
ولهذا خاطبته السيدة زينب عليها السلام بقولها: أمن العدل أن تجعل جواريك
والنساء الحرائر -الساكنات في قصرك- وراءالخدر، وتسوق بنات الرسالة وعقائل
النبوة، ومخدرات الوحي . . سبايا؟

((قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن))
فبعد أن كنّ مخدرات مستورات، لا يرى أحد لهن ظلاً، وإذا بهن يرين أنفسهن
أمام أنظار الرجال الأجانب، وبعد أن كنّ محجبات . . وإذا بالأعداء قد
سلبوهن ما كنّ يسترن به وجوههن . . من البراقع والمقانع!

((تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد))
أي: يسوقهن الأعداء من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، ويمرون بهن على البلاد التي في طريق الشام.
وحينما كان يمر موكبهن على البلاد والقرى والأرياف، كان الناس -على اختلاف
طبقاتهم- يخرجون للتفرج عليهن، وأحياناً كانوا يصعدون على سطوح دورهم
للتفرج عليهن، ويهذا قالت السيدة ع:

((ويستشرفهن أهل المناقل، ويتبرّزْن لأهل المناهل))
المناقل -جمع منقل- وهو الطريق إلى الجبل. والمناهل -جمع منهل-: وهو الماء
الذي يُنزل عنده، والمقصود: المنازل التي في طريق المسافرين، للتزود بالماء
أو الإستراحة.

((ويتصفح وجوههن القريب والبعيد))
يتصفح:أي يتأمل وجوههن لينظر إلى ملامحهن!! >>لعنة الله على يزيييييد واتباعه

((والشريف والوضيع، والدنيء والرفيع))
والحال أنه ((ليس معهن من رجالهن ولي، ولا من حماتهن حمي))، عائلة محترمة،
وليس معهن من رجالهن أحد يشرف على شؤونهن ويحرسهن ويحميهن من الأخطار
والأشرار، لأن رجالهن قد قتلوا بأجمعهم، ولم يبق منهم سوى الإمام زين
العابدين علي بن الحسين عليه السلام.
كل هذه الجرائم التي صدرت منك، وبأمرك كانت((عتواً منك على الله))
العتو:هو التكبر

((وجحوداً لرسول الله))
الجحود:هو الانكار مع العلم بأن هذا هو الواقع والحق، قال تعالى:وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنْفُسُهُمْ".

((و دفعاً لما جاء به من عند الله))
الدفع:الإزالة والإبادة والرد.
أي:قمت بهذه الأعمال لأجل القضاء على الإسلام، وعلى ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عند الله تعالى.

((ولا غرو منك، ولا عجب من فعلك))
لا غرو: لا عجب.
إن السيدة زينب عليها السلام تعتبر تلك الجرائم -التي صدرت من يزيد- أموراً طبيعية وظواهر غير عجيبة، فــ(كل إناء بالذي فيه ينضح).
وإن الآثار السلبية لعامل -بل عوامل- الوراثة، والاستمرار على شرب الخمر
والفحشاء والفجور والعيش في أحضان العاهرات، كلها أسباب كان لها دور في
إيجاد هذه النتائج والعواقب السيئة للطاغية يزيد.

((وأنى ترتجى مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الشهداء، ونبت لحمه بدماء السعداء؟))
أي: كيف ومتى يتوقع الخوف من الله تعالى . . من ابن من رمت من فمها أكباد الشهداء الأبرياء؟
هذه الكلمة إشارة إلى ما حدث في واقعة أحد، وإلى مقتل سيدنا حمزة بن عبد
المطلب ع سيد الشهداء وعم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما جاءت
هند -أم معاوية وجدة يزيد- وشقت بطن سيدنا حمزة ع، وأخرجت كبده وأخذت قطعة
من كبده، و وضعتها في فمها وعضتها بأسنانها و حاولت أن تأكلها، بسبب الحقد
المتأجج في صدرها، ولكن الله تعالى أبى أن تدخل قطعة من كبد سيدنا حمزة ع
في جوف تلك المرأة الساقطة، فانقلبت تلك القطعة صلبة كالحجر، فلم تؤثر
أسنانها في الكبد، فلفظتها، و رمتها من فمها، فاكتسبت بذلك لقب (آكلة
الأكباد)!!
ويزيد: هو حفيد هكذا امرأة حقودة. وحقده على الدين وارتكابه للجرائم الكبيرة ليس بشيء جديد!!

((ونصب الحرب لسيد الأنبياء))

إن أبا سفيان هو الذي كان يجهز الجيوش في مكة، ويخرج لحرب رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم وقتال المسلمين، حينما كان النبي الكريم ص في المدينة
المنورة.

((وجمع الأحزاب))
إن أبا سفيان هو الذي جمع العشائر والقبائل الكثيرة . . من المشركين
واليهود والنصارى وغيرهم، وأمر بنفير عام وشامل لمختلف الأعمار والديانات،
وخرج بجيش جرار كالسيل الزاحف، للقضاء على الرسول العظيم ص ومن معه من
المسلمين، في واقعة الأحزاب التي عرفت -فيما بعد- بـ(غزوة الخندق).

((وشَهَرَ الحِراب، وهز السيوف في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم))
الحِراب -جمع حَرْبَة-: وهي آلة قصيرة من الحديد، محددة الرأس، تستعمل في الحرب.
و((هز السيوف)) كناية عن الخروج للحرب وإصدار الأوامر للهجوم والغارة، وبما
أن أبا سفيان كان هو السبب في هذه الحروب فقد جاءت كلمة ((السيوف)) بصيغة
الجمع.

((أشد العرب لله جحوداً، وأنكرهم له رسولاً، وأظهرهم له عدواناً، وأعتاهم على الرب كفراً وطغيانا))
من الواضح أن العرب في مكة وغيرها . . كانوا على درجات متفاوتة في نسبة
إنكارهم لوجود الله تعالى، أو إتخاذهم الأصنام آلهة من دونه سبحانه.
فهناك من هو جاحد ومنكر مائة بالمائة، وهناك من هو جاحد 70%، وهكذا.
ومنهم: من هو عازم على الاستمرار في الكفر رغم علمه بالتوحيد، ومنهم:من كان يعيش حالة الشك في الاستمرار في الكفر أو الشرك.
ومنهم: من كان يحيك المؤامرات ضد النبي الكريم ص بصورة سرية، ومنهم
من كان يخرج لحرب رسول الله . . بشكل مكشوف.
ومنهم: من كان منكراً لله تعالى . . ولكنه يتخذ موقف المحايد تجاه النبي الكريم ص، ولا يبذل أي نشاط ضد الإسلام والمسلمين.
ولكن الكافر الذي ضرب الرقم القياسي في إنكار الله تعالى، وإنكار رسالة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم:هو أبو سفيان.
هذه كلها صفات ومواصفات أبي سفيان، وقد ورثها منه حفيده يزيد، حيث كان
يشترك مع جده في جميع هذه الأوصاف والأحقاد، وبنفس النسبة والدرجة، لكن مع
تبدل الظروف!
فلقد وقف أبو سفيان في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحاربه وأظهر أحقاده.
وجاء -من بعده- إبنه معاوية، فوقف في وجه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام وحاربه بكل ما لديه من طاقة وقوة، وعلى مختلف الأصعدة
والمجالات، الإعلامية والعسكرية وغيرها.
إن الوثائق التاريخية تقول: ((مات معاوية وعلى صدره الصنم)) فكم تحمل هذه الكلمة من معانٍ ودلالات، ((والحر تكفيه الإشارة))!!
وقد جاء في التاريخ أيضاً: ((مات معاوية على غير ملة الإسلام))

ثم جاء يزيد من بعد معاوية فكان كالبركان يتفجر حقداً على آل رسول الله ص وأبناء الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
فماذا تراه يفعل؟!
وماذا تتوقع منه؟!
وخاصة وأنه يرى تحت تصرفه جيشاً كبيراً ينفذ أوامره بكل سرعة، ويطيعه طاعة
عمياء، دون رعاية الجوانب الإنسانية أو العاطفية أو الدينية.
وكان له مستشار مسيحي حاقد اسمه: (سرجون) يملي عليه ما يتبادر إلى ذهنه في
كيفية القضاء على الإسلام، ويرسم له الخطط للوصول إلى هذا الهدف!

((ألا: إنها نتيجة خِلال الكفر))

ألا: حرف لجلب الانتباه، أو للتأكيد على ما يُخبر عنه.
النتيجة-هنا- العاقبة.
خلال-جمع خلّة- وهي الخصلة.
أي: إن يزيد حينما أمر بقتل ريحانة رسول الله ص الإمام الحسين عليه السلام
لم يكن لمجرد أنه كان يرى منه منافساً له في السلطة فقضى عليه، بل إن ذلك
كان من منطلق الكفر والإلحاد، ولذلك . . فهو لم يكتفِ بقتل الإمام ع، بل
أمر بسبي نسائه وأطفاله، وقام بغير ذلك من الجرائم والجنايات.
وهذه الأمور: هي نتيجة خبث نفسيته الطائشة وأثر صفاته الكفرية الموروثة من أبيه وجده!

((وضِبّ يجرجر في الصدر لقتلى يوم بدر))

والضِبّ-بكسر الضاد-: الغيظ الكامن والحقد الخفي.
جرجر البعير:إذا ردد صوته في حنجرته.
أي: وحقد يتأجج في الصدر، ويطالب يزيد للأخد يثارات المقتولين في غزوة بدر، وهم أقطاب المشركين الذين كانوا
قد خرجوا من مكة لمحاربة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقتال المسلمين.
وهم المشركون الذين تمنى يزيد حضورهم بقوله: ((ليت أشياخي ببدر شهدوا)) وهم: عتبة بن ربيعة، وشيبة، والوليد بن شيبة.
أما عتبة فقتله عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وأما شيبة وابنه الوليد فقد قتلهما الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع.
إن جميع ما قام به الطاغية يزيد، من قتله الإمام الحسين ع وأصحابه وأهل
بيته، وسبي الطاهرات من نسائه و حرمه، وإهانته لرأس الإمام الحسين ع تعتبر
نتيجة طبيعية للكفر المكشوف والحقد الدفين في قلب يزيد، فلم يكن يوجد في
قلبه مقدار ذرة من الإيمان بالله تعالى وبيوم القيامة، بل إنه اتخذ منصب
خلاف الرسول الكريم ص، وسيلة لسلطته على الناس، وانهماكهه في الشهوات،
ومحاربته للدين وعظماء الدين.
فقد كان يتجاهر بشرب الخمر، ولعب القمار وغيرهما من المنكرات التي حرمها
الله سبحانه وبذلك أعطى الجرأة لجميع الناس كي يجلسوا في الأماكن العامة،
ويرتكبوا ما شاؤا من المعاصي والذنوب، من دون أي خوف أو حذر، أو حياء أو
خجل، أو احترام لحدود الله تعالى، أو رعاية للخطوط الحمراءالتي وضعها الله
سيحانه حول بعض الأعمال المحرمة.
لقد جاء في الحديث الشريف عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال: ((. . . من نظر إلى الشطرنج فليلعن يزيد وآل يزيد. . .))

((فلا يستبطئ في بغضنا-أهل البيت- من كان نظره إلينا شنفاً وإحناً وضغناً))
وفي نسخة: ((وكيف يستبطئ في بغضنا))
أي: كيف لا يسرع إلى بغض أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كانت نظرته وعقيدته الكراهة والحقد.
والشنف والشنآن والإحن والأضغان: معانيها متقاربة، والمقصود منها: شدة الحقد والبغض.

((يظهر كفره برسوله، ويفصح ذلك بلسانه)) :إشارة إلى الأبيات التي أنشدها يزيد:
لعبت هاشم بالملك فلا:::خبر جاء ولا وحي نزل
فقد أظهر كفره برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتجاهر بذلك، واعتبر
النبوة والرسالة والوحي والقرآن كلها ألعاب، وأنكرها جميعاً.
يفصح: أي يظهر ما في قلبه على لسانه.

((وهو يقول-فرحاً بقتل ولده، وسبي ذريته، غير متحوّب ولا مستعظم:
لأهلوا واستهلوا فرحاً::: ولقالوا يا يزيد لا تشل))
غير متحوّب: أي غير متأثم أو غير متحرج من القبيح. والحوبة: من يأثم الإنسان في عقوقه . . . كالوالدين.
والظاهر: أن السيدة زينب عليه السلام تقصد أن يزيد كان يعيش حالة عدم
الاكتراث أو المبالاة بما قام به من جرائم، وبما يصرح به من كلمات كفرية،
وبما يشعر به من الفرح والسرور لقتله ابن رسول الله ص، وسبي ذريته الطاهرة.
إذ من الواضح أن الذي لا يؤمن بيوم الجزاء لا يفكر في مضاعفات جرائمه، ولا يشعر بالحرج أو الخوف من أعماله التي سوف تجر إليه الويل!!
((منحنياً على ثنايا أبي عبد الله -وكان مُقَبَّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- ينكتها بمخصرته))
ثنايا-جمع الثَّنِيَّة-: وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت.
مُقَبَّل: موضع التقبيل.
ينكت:يضرب.
مِخْصَرَة:العصا، وقيل: هي العصا التي في أسفلها حديدة محددة، كحديدة رأس السهم.
أقول: إن القلم ليعجز عن التعبير عن شرح هذه المقطوعة من الخطبة!! وذلك
لهول المصيبة، فكيف تجرأ الطاغية يزيد على أن يضرب تلك الثنايا المقدسة،
التي كانت موضعاً لتقبيل رسول الله ص . . مئات المرات.
وفعل يزيد ذلك بمرأى من عائلة الإمام الحسين ع ونسائه وبناته؟!
ولم يكتفِ يزيد بالضرب مرة واحدة أو مرتين، بل مرات متعددة، وهو في ذلك الحال في أوج الفرح والانتعاش!!
ولم يكن الضرب على الأسنان الأمامية فقط، بل كان يضرب على شفتيه ووجهه الشريف، ويفرق بين شفتيه بعصاه ليضرب على أسنانه!
إنان لله وإنا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!!

((قد التمع السرور بوجهه))
قد يكون الفرح شديداً فيتدفق الدم إلى الوجه فيحمر، وبذلك تظهر آثار الفرح على ملامحه، فيقال:التمع السرور بوجهه.
هكذا كانت فرحة يزيد حين ضربه تلك الثنايا الشريفة.

((لعمري لقد نكأت القرحة))
نكأ القرحة: قشرها بعد ما كادت تبرأ.
لعل المعنى:أن ضرب يزيد تلك الثنايا صار سبباً لهيجان الأحزان من جديد،
وفجر دموع العائلة الكريمة، فاستولى عليهن البكاء والنحيب، وخاصة أن بنتين
من بنات الإمام الحسين عليه السلام جعلتا تتطاولان (أي:تقفان على رؤوس
أصابع رجليهما) لتنظرا إلى الرأس الشريف، من وراء كراسي الجالسين، فلما
نظرتا إلى يزيد وهو يضرب الرأس الشريف، ضجتا بالبكاء والعويل، ولاذتا
بعمتهما السيدة زينب ع، وقالتا: يا عمتاه! إن يزيد يضرب ثنايا أبينا، فقولي
له: لا يفعل ذلك؟!
فقامت السيدة زينب عليها السلام ولطمت وجهها ونادت: ((واحسيناه! يابن مكة ومنى! يا يزيد: ارفع عودك عن ثنايا أبي عبد الله))
((واستأصلت الشأفة))
يقال:استأصل شأفته: أي أزاله من أصله.
ولعل المعنى:يا يزيد: لقد قطعت شجرة النبوة من جذورها بقتلك الإمام الحسين
عليه السلام فهو آخر من كان باقياً من أصحاب الكساء، الذين نزلت فيهم ((آية
التطهير)) وعبر الله عنهم-في القرآن الكريم- بكلمة أهل البيت، فكل من كان
يقتل من هؤلاء الخمسة الطيبة . . كان في الباقين منهم سلوة لآل رسول الله،
وبقتل الإمام الحسين عليه السلام انقطعت شجرة أهل البيت ع من جذورها، وكان
ذلك بأمر يزيد وتنفيذ ابن زياد

((بإراقتك دم سيد شباب أهل الجنة، وابن يعسوب الدين، وشمس آل عبد المطلب))
يعسوب: النحلة التي يعبر عنها بـ(بالملكة) في مملكة النحل، وقد لقب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام بلقب (يعسوب الدين) وشبه شيعته بالنحل الذي يعيش في ظل تلك المملكة
ويتبع ذلك اليعسوب، واشتهر بين المسلمين-في ذلك اليوم- هذا اللقب للإمام
علي عليه السلام ولذلك قال الشاعر:

ولايتي لأمير النحل تكفيني:::عند الممات وتغسيلي وتكفيني
وطينتي عجنت من قبل تكويني:::بحب حيدرَ،كيف النار تكويني؟!
ثم عبرت السيدة زينب ع عن الامام الحسين عليها السلام بـ ((شمس آل عبد
المطلب))، ويا لهذا التعبير من بلاغة راقية، وتشبيه جميل، فإن الإمام
الحسين ع كان هو الوجه المشرق الوضاء والواجهة المتلألأة لآل عبد المطلب بن
هاشم، وسبب الفخر والاعتزاز لهم، وهم كانوا المجموعة أو العشيرة الطيبة
لقبيلة قريش، وقريش كانت أشرف قبائل العرب.

((وهتفت بأشياخك))
حينما قلت (ليت أشياخي ببدر شهدوا)) فتمنيت حضورهم ليروا انتصارك الموهوم،
وأخذك لثارهم من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مع أن أشياخك هم
الذين خرجوا-من مكة إلى المدينة- لقتال رسول الله ص، وهم الذين بدؤا الحرب
مع المسلمين، فكانوا بمنزلة الغدة السرطانية الخبيثة في جسم البشرية، وكان
يلزم قطعها كي لا ينتشر المرض والفساد في بقية أجزاء الجسم.
((قمتَ بإراقة دم الإمام الحسين عليه السلام تقرباً إلى أسلافك، وقلت:
قد قتلنا القرم من ساداتهم::وأقمنا مثل بدر فاعتدل

((ثم وتقربت بدمه إلى الكفرة من أسلافك))
أي:صرخت بندائك))
أي: بندائك لأشياخك. ومن هذه الجملة يستفاد أن يزيد كان رافعاً صوته حين قراءته لتلك الأبيات الكفرية، والشعارات الإلحادية.

((ولعمري لقد ناديتَهُم لو شهدوك))
قال ابن مالك-ما معناه- : (لو: حرفٌ يقتضي في الماضي امتناع ما يليه، واستِلزامُه لتاليه).
وبناء على هذا . . يكون معنى كلام السيدة زينب عليها السلام: يا يزيد! لقد
تمنيت لو كانوا حاضرين كي يشهدوك ويشهدوا أخذك لثارهم، ولكن هذه الأمنية لا
تتحقق لك، فأسلافك موتى معذبون في نار جهنم، ومن المستحيل أن يعودوا الآن
ويشهدوا ما قمتَ به من الجرائم، وليَقولوا لك: سلمت يداك!!

((ووشيكاً تشهدهم ولن يشهدوك))
وشيكاً: أي: سريعاً أو قريباً ويقال: أمرٌ وشيكٌ: أي: سريع.
المعنى: يا يزيد: سوف تموت قريبا عاجلاً، لأن ملكك يزول سريعاً، ولا تطول
أيام حياتك، وتنتقل إلى عالم الآخرة، وإلى جهنم فترى أسلافك هناك في
الأغلال والقيود وفي صالات التعذيب، وممرات السجون، ولكنهم لا يرونك، أي:
لا تجتمع معهم في مكان واحد، لأنك ستكون في درجةٍ أسفل منهم في طبقات نار
جهنم، لأن جرائمك الموبقة تستوجب العذاب الأشد، لكنك حين نزولك إلى ذلك
المكان الأسفل، سوف يكون طريقك عليهم، فتراهم ولكنهم لا يرونك، لأن شدة
عذابهم يشغلهم عن الالتفات إلى ما حولهم ومن حولهم من الجناة!
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن قاتل الحسين
بن علي . . في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل الدنيا، وقد شدت يداه
ورجلاه بسلاسل من نار، منكسٌ في النار، حتى يقع في قعر جهنم، وله ريح يتعوذ
أهل النار إلى ربهم من شدة نتنه، وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم، مع
جميع من شايع في قتله، كلما نضجت جلودهم بدّل الله (عز وجل) عليهم الجلود
حتى يذوقوا العذاب الأليم، لا يفتّر عنهم ساعة، ويسقون من حميم جهنم،
فالويل لهم من عذاب الله تعالى في النار))
((ولتود يمينك-كما زعمت- شلت بك عن مرفقها وجُذّت))
شلت:الشلل: تعطل أو تيبس في حركة العضو أو وظيفته، يقال:-في الدعاء- : شلت يمينك.
جُذّت:قُطعت أو كُسرت.
المعنى: يا يزيد! إنك في الدنيا زعمت أن أسلافك لو كانوا حاضرين . . لقالوا
لك: ((يا يزيد لا تشل)) أما في يوم القيامة، حين تعاقب تلك العقوبة
الشديدة، سوف تتمنى أن يمينك كانت مشلولة أو مقطوعة حتى لا تستطيع أن تضرب
بعصاك ثنايا الإمام الحسين عليه السلام.
وهذا إخبار من السيدة زينب عليها السلام بما يدور في ذهن يزيد حين يلاقي جزاء أعماله الإجرامية.
وتتمنى أيضاً حينما تلاقي أشد درجات العقوبة والتعذيب:

((وأحببت أن أمك لم تحملك، وإياك لم تلد حين تصير إلى سخط الله ومخاصمك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم))
أحببتَ-هنا-: بمعنى تمنيت من أعماق قلبك أن أمك لم تكن تحمل بك، ولم تلدك
حتى لا تكون مخلوقاً أو موجوداً من أول يوم، ولم تكتسب هذه السيئة الكبيرة
التي دفعت بك إلى أسفل السافلين في التابوت الموجود في أسفل طبقات جهنم،
حيث يستقر فيه أفراد معينون من الجناة الذين جروا الويلات على البشرية
جمعاء، وعلى كل الأجيال والبلاد والشعوب، وأسسوا الأسس ومهدوا الطرق لمن
يأتي من بعدهم من الطغاة والخونة، في أن يقوموا بكل جريمة، وبكل جرأة!
إن الأحاديث الشريفة تقول: إن اهل النار-جميعاً- يستغيثون بالموكلين بهم من
الملائكة . . أن لا يفتحوا باب ذلك الصندوق، لأن درجة الحرارة فيها
أشد-بكثير- من حرارة جهنم نفسها!!
وتقول الأحاديث الشريفة: إنه كلما خفت ونزلت درجة حرارة جهنم . . تفتح
الملائكة باب ذلك الصندوق لمدة قليلة فتزداد حرارة جهنم كلها بالحرارة
الشديدة التي أضيفت إليها من ذلك التابوت، كالقدر الكبير للطعام الذي توضع
فيه البقول، وتوضع على نار خفيفة، وفجأة يرفعون درجة تلك النار إلى أقصى
نسبةٍ ممكنة، فيحدث اضطراب عجيب في ذلك القدر وما فيه!

ويعبّر عن ذلك الصندوق بالتابوت والمعذبين فيه بأهل التابوت.
وقد روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: (( . . . إذا كان يوم
القيامة أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الحسين عليه السلام
ويده على رأسه يقطر دماً، فيقول : (( يا رب سل أمتي فيمَ (أي:لماذا) قتلوا
ولدي!))
ثم بدأت السيدة زينب عليها السلام بالدعاء على يزيد ومن شاركه في ظلم آل
رسول الله ص الطيبين الطاهرين، دعت عليهم من ذلك القلب الملتهب بالمصائب
المتتالية، فقالت:

((الهم خذ بحقنا، وانتقم من ظالمنا، واحلل غضبك على من سفك دماءنا، ونقض ذمارنا، وقتل حماتنا، وهتك عنا سدولنا))
نقض: لم يراعِ الحرمة والعهد.
الذمار: ما ينبغي حفظه والدفاع عنه، كالأهل والعرض.
وقيل: ذمار الرجل: كل شيء يلزمه الدفع عنه.
سدول-جمع سِدل-:الستر
ثم أرادت السيدة زينب عليه السلام أن تبين ليزيد حقيقةً واقعية: وهي أن
جميع ما قمت به ضد آل رسول الله ص، من قتل وسبي، و حمل الرؤوس من بلد إلى
بلد، وإهانة الرأس الشريف، والإفصاح عن الكلمات الكفرية الكامنة في الصدر،
وغيرها . . لا تعود عليك بالفائدة والنفع، بل تعود عليك بالخسران والعقوبة،
حتى لو جعلتك تفرح لمدة قصيرة، لكن هذا الفرح سوف لا يستمر، بل يتعقبه
سلسلة متواصلة من أنواع الخسارة والعذاب الجسدي والنفسي، فقالت عليها
السلام:

((وفعلت فعلتك التي فعلت، ومافريت إلا جلدك، وما جزرت إلا لحمك))

نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://reazalnatken.yoo7.com
 
شرح خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد لعنه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحاديث في مقام الزهراء (عليها السلام) ومنزلتها عند الله وعند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
» مناظرة فاطمة الزهراء عليها السلام مع أبي بكر في أمر فدك لما استولى عليها
» أم البنين عليها السلام ماترد احد جربها وشوف شيصير لك‎
» سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام الالكتروني
» في ذكرى شهاده الزهراء سلام الله عليها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى رياض الناطقيـــــن :: المنتدى الاسلامي :: روضة عاشوراء الحسيـــن-
انتقل الى: