ابو زهراء الصدري المؤسس
عدد المساهمات : 377
| موضوع: أحاديث في مقام الزهراء (عليها السلام) ومنزلتها عند الله وعند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الأحد أبريل 17, 2011 1:50 pm | |
| الاحاديث في هذا الباب كثيرة ، حتى أن عدّةً من علماء الفريقين دوّنوها في كتب مفردة ، وقد انتخبت من تلك الاحاديث هذه الاحاديث التي سأقرؤها ، وسترون أن مصادرها من أقدم المصادر وأهمّها : الحديث الاول : « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة » ، أو « سيّدة نساء هذه الاُمّة » ، أو « سيّدة نساء المؤمنين » ، أو « سيّدة نساء العالمين ». هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في : صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق ، وفي مسند أحمد ، وفي الخصائص للنسائي ، وفي مسند أبي داود الطيالسي ، وفي صحيح مسلم في باب فضائل الزهراء ، وفي المستدرك وصحيح الترمذي ، وفي صحيح ابن ماجة ، وغيرها من الكتب (1). ففاطمة سيّدة نساء العالمين من الاوّلين والاخرين. الحديث الثاني : في أن فاطمة سلام الله عليها بضعة من النبي : « فاطمة بضعة منّي من أغضبها أغضبني ». هذا الحديث بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، وعدّة من المصادر (2). « فاطمة بضعة منّي يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ». بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، ومسند أحمد ، وصحيح أبي داود ، وصحيح مسلم ، وغيرها من المصادر (3). « إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ». بهذا اللفظ في : صحيح مسلم (4). « إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها ». بهذا اللفظ في : مسند أحمد وفي المستدرك وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وفي صحيح الترمذي (5). « فاطمة بضعة منّي يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها ». بهذا اللفظ في : المسند ، وفي المستدرك وقال : صحيح الاسناد ، وفي مصادر أُخرى (6). الحديث الثالث : « إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ». هذا الحديث تجدونه في : المستدرك ، وفي الاصابة ، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلى والطبراني وأبي نعيم ، ورواه غيرهم (7). الحديث الرابع : في أنّ النبي أسرّ إليها أنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به. هذا كان عند وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فإنّه دعاها فسارّها فبكت ، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت [ في بعض الالفاظ : فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سارّها دونها ] فلمّا قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حلّفتها عائشة أنْ تخبرها ، فقالت : سارّني رسول الله أو سارّني النبي ، فأخبرني أنّه يقبض في وجعه هذا فبكيتُ ، ثمّ سارّني فأخبرني أنّي أوّل أهل بيته أتْبعه فضحكتُ. هذا الحديث في : الصحيحين ، وعند الترمذي والحاكم ، وغيرهما (8). الحديث الخامس : عن عائشة قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها غير أبيها. هذا الحديث تجدونه في : المستدرك وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي ، وفي الاستيعاب ، وفي حلية الاولياء (9). الحديث السادس : عن عائشة أيضاً : كانت إذا دخلت عليه ـ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ قام إليها فقبّلها ورحّب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه. قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي أيضاً (10). الحديث السابع : أخرج الطبراني أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي : « فاطمة أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ عليّ منها ». قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح (11). هذه هي الاحاديث التي انتخبتها ، لتكون مقدمةً لبحوثنا الاتية ، وسنستنتج من هذه الاحاديث في المطالب اللاحقة ، وفي الحوادث الواقعة ، وهي أحاديث ـ كما رأيتم ـ في المصادر المهمّة بأسانيد صحيحة ، ودلالاتها أيضاً لا تقبل أيّ مناقشة. ومن دلالات هذه الاحاديث : إنّ فاطمة سلام الله عليها معصومة ، بالاضافة إلى دلالة آية التطهير وغيرها من الادلة. مضافاً إلى أن غير واحد من حفّاظ القوم وكبار علمائهم قالوا بأفضليّة الزهراء سلام الله عليها من الشيخين ، بسبب هذه الاحاديث وحديث « فاطمة بضعة منّي » بالخصوص ، بل قال بعضهم بأفضليّتها من الخلفاء الاربعة كلّهم ، ولا مستند لهم إلا الاحاديث التي ذكرتها. ولاقرأ لكم عبارة المنّاوي وكلامه المشتمل على بعض الاقوال من كبار علماء القوم ، ففي فيض القدير في شرح حديث « فاطمة بضعة منّي » قال : استدل به السهيلي [ وهو حافظ كبير من علمائهم ، وهو صاحب شرح سيرة ابن هشام وغيره من الكتب ] على أن من سبّها كفر [ ولماذا ؟ لاحظوا ] لانّه يغضبه [ أي لانّ سبّها يغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ! إستدل به السهيلي على أن من سبّها كفر لانّه يغضبه ] وأنّها أفضل من الشيخين. وإذا كانت هذه اللام لام تعليل « لانّه يغضبه » ، والعلة إمّا معمّمة وإمّا مخصّصة ، ولابد أنْ تكون هنا معمّمة ، يوجب الكفر ، لانّه أي السب يغضبها ، فيكون أذاها أيضاً موجباً للكفر ، لان الاذى ـ أذى الزهراء سلام الله عليها ـ يغضب رسول الله بلا إشكال. قال المنّاوي : قال ابن حجر : وفيه ـ أي في هذا الحديث ـ تحريم أذى من يتأذّى المصطفى بأذيّته ، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به فالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يتأذّى به بشهادة هذا الخبر ، ولا شيء أعظم من إدخال الاذى عليها في ولدها ، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة بالدنيا ولعذاب الاخرة أشد. ففي هذا الحديث تحريم أذى فاطمة ، وتحريم أذى فاطمة لانّها بضعة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بل هو موجب للكفر كما تقدّم. وقال المنّاوي : قال السبكي : الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمة أفضل من خديجة ثمّ عائشة. قال المنّاوي : قال شهاب الدين ابن حجر : ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون. قال المنّاوي : وذكر العَلَم العراقي : إنّ فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الاربعة باتفاق (12). إذن ، لا يبقى خلاف بيننا وبينهم في أفضلية الزهراء من الشيخين ، وأن أذاها موجب للدخول في النار. ثمّ إنّ هذه الاحاديث ـ كما قرأنا وسمعتم وترون ـ أحاديث مطلقة ليس فيها أي قيد ، عندما يقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّ الله يغضب لغضب فاطمة » لا يقول إنْ كانت القضية كذا ، لا يقول بشرط أن يكون كذا ، لا يقول إنْ كان غضبها بسبب كذا ، ليس في الحديث أيّ تقييد ، إن الله يغضب لغضب فاطمة ، هذا الغضب بأيّ سبب كان ، ومن أيّ أحد كان ، وفي أيّ زمان ، أو أيّ وقت كان. وعندما يقول : « يؤذيني ما آذاها » ، لا يقول رسول الله : يؤذيني ما آذاها إنْ كان كذا ، إنْ كان المؤذي فلاناً ، إن كان في وقت كذا ، ليس فيه أيّ قيد ، بل الحديث مطلق « يؤذيني ما آذاها ». ودلّت الاحاديث هذه على وجوب قبول قولها ، وحرمة تكذيبها ، وقد شهدت عائشة بأنّها سلام الله عليها أصدق الناس لهجةً ما عدا والدها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ورسول الله قال كلّ هذا وفَعَله مع علمه بما سيكون من بعده. ______________________ 1 ـ الخصائص للنسائي : 34 ، الطبقات 2 / 40 ، مسند أحمد 6 / 282 حلية الاولياء 2/39 ، المستدرك 3 / 151. 2 ـ صحيح البخاري ، كتاب بدء الخلق ، باب مناقب قرابة الرسول ومنقبة فاطمة ( عليها السلام ). 3 ـ مسند أحمد 4 / 328. 4 ـ صحيح مسلم ، باب مناقب فاطمة ( عليها السلام ). 5 ـ مسند أحمد 4 / 5 ، المستدرك 3 / 159. 6 ـ المستدرك 3 / 158 ، مسند أحمد 4 / 323. 7 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 153 ، كنز العمال 13 / 674 ، 12 / 111. 8 ـ صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ، صحيح مسلم فضائل فاطمة ، صحيح الترمذي ، المستدرك 4 / 272. 9 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 160 ، حلية الاولياء 2 / 41 ، الاستيعاب 4 / 1896. 10 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 154. 11 ـ مجمع الزوائد 9 / 202. 12 ـ فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4 / 421.
| |
|